القصة الحقيقية لسورة البقرة والتي يجهلها المسلمون ويعلمها اليهود! ومن هو قتيل بنى اسرائيل وما قصته؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [هود:120]، لقد جاءت هذه الآية في سورة هود التي نزلت على النبي ﷺ في فترة؛ هي من أحرج الفترات التي مرت بها الدعوة في مكة، فاحتاج النبي ﷺ والمؤمنون إلى مواساة، وأنس، وتثبيت، فجاءت هذه القصص لتثبتهم في غمرة هجوم أهل الباطل الشرس ضد جنود الحق، وكذلك فإن هذه القصص عبرة لأولي الألباب، كما قال الله -تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[يوسف: 111].
وهذه القصص التي في القرآن موجود بعضها عند اليهود والنصارى، بل كثير منها موجود من جهة العموم، يعرفون قصة يوسف من جهة العموم، يعرفون قصة أصحاب الكهف من جهة العموم، بعضهم يعرفونها لكن التفصيلات التي جاءت في القرآن لا توجد عندهم، بل إنهم قد اختلفوا في أشياء، وجاء القرآن يفصل بينهم، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل: 76]، فأكثره قد فصل بينهم فيه في هذا الكتاب العزيز، ولذلك فإننا لسنا بحاجة إليهم، وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا [الكهف: 22].
لا تستفت في أهل الكهف أحدًا من أهل الكتاب، عندك المرجع، وعندك الكفاية، ولذلك فإن اللجوء إلى الإسرائيليات لمعرفة التفاصيل ليس من الحكمة في شيء، فهذه الإسرائيليات كثير منها كذب وافتراء على الأنبياء، وفيه مالا يليق بهم، والقصص عن الماضين غيب، فإننا لم نكن معهم، كما قال الله تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا[هود: 49].
هذا بعد سياق قصة نوح، وقال في ختام قصة يوسف: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف: 102].
وقال في قصة مريم: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: 44].
فإذًا هذه القصص بالنسبة لنا غيب لأننا لم نشهدها، ولم نسمعها، ولم نعاصرها من قبل، ولذلك لا يجوز أن نأتي على الغيب بشواهد من الإسرائيليات الموجودة عند الكفار في كتبهم من أهل الكتاب، فإن الله قد أغنانا عنها.
وهذه الإسرائيليات الموجودة ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يوافق ما عنده، فهذا نأخذ به بطبيعة الحال.
والقسم الثاني: يخالف ما عندنا، ويصادمه ويضاده، فهذه نرفضه ونكذب به.
والقسم الثالث: لا يوافق ولا يخالف، فقد يكون فيه تفصيلاً معينًا ليس مذكورًا في القصة التي وردت في الكتاب والسنة، كذكر بعض البقرة الذي ضرب به القتيل من بني إسرائيل فحيي، مثل هذا نحن لا نصدق ولا نكذب، لأنه قد يكون حقًا فنكذبه، وقد يكون باطلاً فنصدقه، فالنبي ﷺ رخص لنا في رواية أخبارهم غير المصادمة للشريعة، لكنه قال: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإنه قد يكون حقًا تكذبونهم به، وقد يكون باطلاً تصدقونهم به [سنن أبي داود: 3646، وضعفة الألباني ضعيف الجامع: 5052]، ولذلك فهذا موقفنا من الإسرائيليات.
أهمية قصص القرآن:
وبالنسبة لهذه القصص، فإنها بديعة الطريقة، عجيبة الأسلوب، صادقة الخبر، بتدبرها تظهر السنن الربانية، فإنه في نهاية كل قصة يكون فيها خبر التمكين والنصر للمؤمنين، والهلاك والعذاب للمكذبين، كما قال الله تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ [هود:120].
وهذه القصص ليست مخترعة بل إنها واقعة حقًا وحقيقة، كما أخبرنا ربنا ، وينبغي أن يكون موقفنا منها الاعتبار والتفكر كما تقدم، وما نعجب أشد العجب ما الذي أصاب هذه الأمة حتى غضت النظر عن القصص التي قصها ربها عليها في كتابه، وأهملت أمرها، وظن أهلها أنها أمور تاريخية لا تفيد إلا المؤرخين، وحتى أن بعض الناس المرتدين في هذا العصر زعم أن في القرآن خرافات مثل عصا موسى، وقصة الكهف، ولا شك أن هذا الكلام كفر وردة، وخرج عن ملة الإسلام.
وكذلك فإن هذه القصص فيها نوع من التربية عظيم، فإن التربية بالقصة من ألوان التربية المهمة، فإن الحادث المرتبط بالأسباب والنتائج تهفو إليها الأسماع، فإذا تخللتها مواطن العبرة في أخبار الماضين كان حب الاستطلاع لمعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عبرتها في النفس.
وكذلك نستفيد منها الإيمان بالرسل، فإننا وإن كنا نؤمن بهم بجميعهم على وجه العموم والإجمال، لكن لما تأتي تفاصيل قصة بعض الأنبياء بالدقائق والأحداث؛ فإن ذلك يزيدنا إيمانًا بهم على إيمان.
وكذلك فإن في هذه القصص تقرير للإيمان بالله، وتوحيده، وإخلاص العمل له .
وكذلك فإن فيها عبرة للمؤمنين يقتدون بها في سائر المقامات، كالعبودية، والدعوة، والصبر، والثبات، والطمأنينة، والسكون، والصدق، والإخلاص لله رب العالمين.
ويوجد في كثير من القصص أحكاما فقهية وشرعية؛ يعرفها أهل العلم، كما استدل أهل العلم من قوله: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف: 72]، على جواز عقد الجعالة والكفالة، بابان من أبواب الفقه، دليلهما في هذه الكلمات من الآية في قصة يوسف.
وكذلك فإن في هذه القصص التسلية عن المؤمنين فيما يلاقونه من أنواع التكذيب، والاتهام الباطل من الكفار.
وفيها إبراز أن الأنبياء كلهم جاءوا بشيء واحد، وهو التوحيد والإسلام، وإن اختلفت شرائعهم.
وكذلك فيها أن الابتلاء لا بدّ أن يحدث للمؤمنين، وأن هذه سنة الله فيهم، وأن وظيفة الرسل البلاغ، وأنهم لا يملكون للناس نفعًا ولا ضرًا، وقد يوجد لنبي ولد كافر لا يغني عنه شيئًا، وقد يوجد لنبي أب كافر لا يغني عنه شيئًا، وقد يوجد لنبي زوجة كافرة لا يغني عنها شيئًا.
القصة الحقيقية لسورة البقرة والتي يجهلها المسلمون ويعلمها اليهود! ومن هو قتيل بنى اسرائيل وما قصته؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [هود:120]، لقد جاءت هذه الآية في سورة هود التي نزلت على النبي ﷺ في فترة؛ هي من أحرج الفترات التي مرت بها الدعوة في مكة، فاحتاج النبي ﷺ والمؤمنون إلى مواساة، وأنس، وتثبيت، فجاءت هذه القصص لتثبتهم في غمرة هجوم أهل الباطل الشرس ضد جنود الحق، وكذلك فإن هذه القصص عبرة لأولي الألباب، كما قال الله -تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[يوسف: 111].
وهذه القصص التي في القرآن موجود بعضها عند اليهود والنصارى، بل كثير منها موجود من جهة العموم، يعرفون قصة يوسف من جهة العموم، يعرفون قصة أصحاب الكهف من جهة العموم، بعضهم يعرفونها لكن التفصيلات التي جاءت في القرآن لا توجد عندهم، بل إنهم قد اختلفوا في أشياء، وجاء القرآن يفصل بينهم، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل: 76]، فأكثره قد فصل بينهم فيه في هذا الكتاب العزيز، ولذلك فإننا لسنا بحاجة إليهم، وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا [الكهف: 22].
لا تستفت في أهل الكهف أحدًا من أهل الكتاب، عندك المرجع، وعندك الكفاية، ولذلك فإن اللجوء إلى الإسرائيليات لمعرفة التفاصيل ليس من الحكمة في شيء، فهذه الإسرائيليات كثير منها كذب وافتراء على الأنبياء، وفيه مالا يليق بهم، والقصص عن الماضين غيب، فإننا لم نكن معهم، كما قال الله تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا[هود: 49].
هذا بعد سياق قصة نوح، وقال في ختام قصة يوسف: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف: 102].
وقال في قصة مريم: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: 44].
فإذًا هذه القصص بالنسبة لنا غيب لأننا لم نشهدها، ولم نسمعها، ولم نعاصرها من قبل، ولذلك لا يجوز أن نأتي على الغيب بشواهد من الإسرائيليات الموجودة عند الكفار في كتبهم من أهل الكتاب، فإن الله قد أغنانا عنها.
وهذه الإسرائيليات الموجودة ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يوافق ما عنده، فهذا نأخذ به بطبيعة الحال.
والقسم الثاني: يخالف ما عندنا، ويصادمه ويضاده، فهذه نرفضه ونكذب به.
والقسم الثالث: لا يوافق ولا يخالف، فقد يكون فيه تفصيلاً معينًا ليس مذكورًا في القصة التي وردت في الكتاب والسنة، كذكر بعض البقرة الذي ضرب به القتيل من بني إسرائيل فحيي، مثل هذا نحن لا نصدق ولا نكذب، لأنه قد يكون حقًا فنكذبه، وقد يكون باطلاً فنصدقه، فالنبي ﷺ رخص لنا في رواية أخبارهم غير المصادمة للشريعة، لكنه قال: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإنه قد يكون حقًا تكذبونهم به، وقد يكون باطلاً تصدقونهم به [سنن أبي داود: 3646، وضعفة الألباني ضعيف الجامع: 5052]، ولذلك فهذا موقفنا من الإسرائيليات.
أهمية قصص القرآن:
وبالنسبة لهذه القصص، فإنها بديعة الطريقة، عجيبة الأسلوب، صادقة الخبر، بتدبرها تظهر السنن الربانية، فإنه في نهاية كل قصة يكون فيها خبر التمكين والنصر للمؤمنين، والهلاك والعذاب للمكذبين، كما قال الله تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ [هود:120].
وهذه القصص ليست مخترعة بل إنها واقعة حقًا وحقيقة، كما أخبرنا ربنا ، وينبغي أن يكون موقفنا منها الاعتبار والتفكر كما تقدم، وما نعجب أشد العجب ما الذي أصاب هذه الأمة حتى غضت النظر عن القصص التي قصها ربها عليها في كتابه، وأهملت أمرها، وظن أهلها أنها أمور تاريخية لا تفيد إلا المؤرخين، وحتى أن بعض الناس المرتدين في هذا العصر زعم أن في القرآن خرافات مثل عصا موسى، وقصة الكهف، ولا شك أن هذا الكلام كفر وردة، وخرج عن ملة الإسلام.
وكذلك فإن هذه القصص فيها نوع من التربية عظيم، فإن التربية بالقصة من ألوان التربية المهمة، فإن الحادث المرتبط بالأسباب والنتائج تهفو إليها الأسماع، فإذا تخللتها مواطن العبرة في أخبار الماضين كان حب الاستطلاع لمعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عبرتها في النفس.
وكذلك نستفيد منها الإيمان بالرسل، فإننا وإن كنا نؤمن بهم بجميعهم على وجه العموم والإجمال، لكن لما تأتي تفاصيل قصة بعض الأنبياء بالدقائق والأحداث؛ فإن ذلك يزيدنا إيمانًا بهم على إيمان.
وكذلك فإن في هذه القصص تقرير للإيمان بالله، وتوحيده، وإخلاص العمل له .
وكذلك فإن فيها عبرة للمؤمنين يقتدون بها في سائر المقامات، كالعبودية، والدعوة، والصبر، والثبات، والطمأنينة، والسكون، والصدق، والإخلاص لله رب العالمين.
ويوجد في كثير من القصص أحكاما فقهية وشرعية؛ يعرفها أهل العلم، كما استدل أهل العلم من قوله: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف: 72]، على جواز عقد الجعالة والكفالة، بابان من أبواب الفقه، دليلهما في هذه الكلمات من الآية في قصة يوسف.
وكذلك فإن في هذه القصص التسلية عن المؤمنين فيما يلاقونه من أنواع التكذيب، والاتهام الباطل من الكفار.
وفيها إبراز أن الأنبياء كلهم جاءوا بشيء واحد، وهو التوحيد والإسلام، وإن اختلفت شرائعهم.
وكذلك فيها أن الابتلاء لا بدّ أن يحدث للمؤمنين، وأن هذه سنة الله فيهم، وأن وظيفة الرسل البلاغ، وأنهم لا يملكون للناس نفعًا ولا ضرًا، وقد يوجد لنبي ولد كافر لا يغني عنه شيئًا، وقد يوجد لنبي أب كافر لا يغني عنه شيئًا، وقد يوجد لنبي زوجة كافرة لا يغني عنها شيئًا.

ليست هناك تعليقات :